وأثْبَتُوا هذين الاسمَيْنِ فقط لأنهم جَبرَّيةٌ يَرَوْنَ أن الإنسانَ لا يفْعَلُ بنَفسِهِ ولا يَقْدِرُ على الفِعلِ، فلما انتَفَتْ صِفَةُ الفعلِ والقُدْرَةِ في الإنسان أثبَتُوا أن اللَّهَ فاعِلٌ وقادِرٌ مع أنهم يجِبُ أن يُثْبِتُوا الإرادَة للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّ الإنسان ليس له إرَادَةٌ عِنْدَهُمْ.
وقوله: [{إِلَّا بِالَّتِي} أَيْ: المجَادَلَةُ الَّتِي {هِيَ أَحْسَنُ} كالدُّعاءِ إلى اللَّهِ بآياتِهِ والتَّنْبِيهِ على حُجَجِهِ]: الدُّعاءُ إلى اللَّه بآياتِهِ الشَّرعِيَّةِ والكوْنِيَّةِ لأن اللَّه يَقُيمُ الحجَّةَ بهما جَميعًا، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ} أي: بالقُرآنِ {جِهَادًا كَبِيرًا}[الفرقان: ٥٢]، فالآياتُ الشَّرعِيَّةُ المجادَلَةُ بها حَقٌّ، وكيفيَّةُ المجادَلَةِ بها هي أن تُبَيِّنَ ما في شَريعةِ اللَّهِ من الحِكَمِ والأسَرْارِ، فإن هذه الشريعةَ إذا بانَتْ حِكَمُها وأسرْارَهُا لكُلِّ ذِي عَقْلِ تَبَيَّنَ أنها هي الحقُّ، وكذلك أيضًا تَبَيَّنَ ما في آياتِ اللَّهِ الشرعيَّةِ من الالْتِئَامِ والانتظامِ وعَدَمِ الاختلافِ قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢].