للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وزيادَتُها في الإثباتِ مخْتَلَفٌ فيها، فبعضُ النَّحْوِيِّينَ يُجِيزُهَا كالمبَرِّدِ.

وأما التعبيرُ بلفظِ (زائد) على شيء مِنْ ألفاظِ القرآن فيَرَى بعضُ أهل العِلْمِ من المعْرِبِينَ أنه لا ينْبَغي، لما يوهِمُه من الحَشْوِ في القُرآنِ، والقرآن ليس فيه حَشْوٌ، لكن هذا الوَهْمُ يَزُولُ إذا قلنا: زائدٌ لفْظًا ومَعْنًى.

وقوله: {مِنْ كِتَابٍ} محَلُّهُ مِنَ الإعرابِ مفعولٌ بِهِ، وقال بعضهم: إنها تَوكِيدٌ لـ {تَتْلُو} لأنه لا يُتْلَى إلا المكْتُوبُ، فعندما أقول: قرَأتُ، تَفْهَمُ أني قرأتُ شيئًا مَكْتُوبًا، فلِذَا قالوا: إنها توكيد، لكن هذا فيه نظر؛ لأن الذي يُتْلى قد يكونُ مَكْتُوبًا وقد يكُون مَسْمُوعًا، فعندما أسمعُ منكَ كَلامًا وأُتَابِعُكَ فيه أكون قد تَلَوْتُهُ، وفي ظني أنها ليست من باب التوكيدِ لـ {تَتْلُو}.

وقوله: {وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} هذا من باب التوكيدِ وليس من بابِ التَّقْيِيدِ؛ لأننا لو قلنا: إنه من بابِ التَّقْييدِ لكان مفهومها (وتَخُطُّهُ بيَسارِكَ)، وهذا كقوله تعالى: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨]، فإن الطيرَ معروفٌ أنه بالجَنَاحِ، ولهذا لو انكسرَ جناحُ الطائرِ لا يَطِيرُ، وإن كان بعضُ المتأخرين يقول إن قوله: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} احترازٌ مِنَ الطائرات؛ لأن اللَّه يعلمُ أنه سيكونُ طائرٌ بدون جناحٍ، وهذا لا يَسْتَقِيمُ، وذلك لأنه قال عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: ٣٨]، والطائراتُ لا تُحْشَرُ يوم القيامة، فعَلَى هذا يكونُ من بابِ التوكيدِ لا من باب التَّقْيِيدِ.

لو قال قائل: هل نأخُذُ من هذه الآية أن الذي يَكْتَبُ باليَمِينِ أفضلُ ممن يكْتُبُ باليسارِ؟

الجواب: الظَّاهِرَ أن التَّقْييدَ باليمِينِ لكونِ الأخذِ والإعطاءِ والكِتابَةِ والضربِ غالِبًا باليَمِينِ، ونادِرٌ أن يُوجَدَ أحدٌ يكتُب ويَعْمَلُ باليسارِ، وأنْدَرُ منها من يعْمَلُ بهما

<<  <   >  >>