للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميعًا، وإن كان بعضُ الناسِ يُعْطِيهِ اللَّه القوةَّ فيعَمْلُ بهما سواء.

قوله: {إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (إذًا) هذه منَوَّنَة، ويُسَمِّي علماءُ النحو هذا التنوين -كما تقدم- تَنْوينَ العِوَضِ، وهو عِوَضٌ عن جملَةٍ، والتقدير: إذ لو كُنتَ تَتْلُو من قبلِهِ من كتابٍ أو تَخَطُّه بيَمِينِكَ لارتابَ المبطلونَ، وعلى هذا فـ (اللام) في قولِه: {لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} واقعة في جوابِ (لو) المحْذُوفَةِ في الجملَةِ المعَوَّضِ عنْها بالتَّنْوينِ.

وقوله: {لَارْتَابَ} أي: شَكَّ، إلا أنَّ أهلَ العِلمِ يقولون: إن الرَّيبَ والشَكَّ بينهما فرْقٌ، فالرَّيْبُ شكٌّ بقَلَقٍ، ولا شَكَّ تَرَدُّدٌ بدونِ قَلَقٍ، يعني: لو كنت على هذه الحال لارتابَ المبْطِلُونَ.

وقوله: {لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} لم يقل: لارتابَ الناس؛ لأنه لو فُرِضَ أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يتلو كتابَ اللَّه من قَبْلِ ذلكَ ويخُطُّه بيَمِينِهِ، وأتى بهذا القرآن مع وجودِ الآياتِ الدَّالَّةِ على صِدْقِهِ لا يحصُل ارْتيابٌ، لكن المبْطِلَ قد يحتَجُّ بالشبْهَة ويَراها بَيِّنَةً.

وقوله: {لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (ال) في قولِهِ: {الْمُبْطِلُونَ} اسم موصول صلتُهُ (مبطلون)، قال ابن مالك رَحِمَهُ اللَّهُ (١):

وَصِفَةٌ صَرِيحَةٌ صِلَةُ (ال) ... وَكَوْنُهَا بِمُعَرَبِ الأَفْعَالِ قَلْ

وقوله: {الْمُبْطِلُونَ} أي: المائلِونَ إلى الباطِلِ أو الدَّاخِلُونَ فيه؛ لأن زيادَةَ الهَمْزَةِ قد تُفيدُ الدُّخولَ في الشيءِ، يقالُ: أحْصَدَ الزرعُ، أي: دَخَلَ وقتُ الحصادِ، ويُقالُ: أنْجَدَ الرَّجلُ أي: دخل في نَجْدٍ، وأبْطَلَ أي: دخل في الباطِلِ وأخَذَ به،


(١) البيت رقم (٩٨) من ألفيته.

<<  <   >  >>