ارْتياب للمُبْطِلِ، بمعنى: شُبْهَةٍ يحتَجُّ بها، وهذا كقولِهِ:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}، أبطلَ اللَّهُ هَذِهِ الحُجَّةَ بمثلِ ما أبْطَلَ حُجَّتَهم السابِقَةِ فقال:{لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}[النحل: ١٠٣]، كيف يكون هذا؟ !
الفَائِدةُ الرَّابِعة: أن المبْطِلَ يتَعَلَّقُ بكل شُبْهَةٍ؛ لأن كونَ الرسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يقْرَأُ أو يَكتب، ثم يقول: إنه أُوْحِي إليه ويُؤيِّدُ ذلك بالآيات، هل تكونُ كِتَابَتُهُ وقراءته مانِعًا من قبولِ حُجَّتِهِ؟
الجواب: لا، لكِنَّ المبْطِلَ يتَعَلَّقُ بكل شبهة، ومع ذلك تَنزَلْنَا مَعَهُ وقُلْنَا له: أنتَ لو زَعَمْتَ أنَّ الرَّسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَعَلَّمَهُ من غيرِهِ ثم كتبَهُ وجاء يقول: أُوحِيَ إليَّ هذا القرآنُ، فإننا نقولُ لك: إن الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَقْرَأ ولم يَكْتُب.
الفَائِدةُ الخامِسَةُ: أن المبطلَ شَكُّه مقتَرِنٌ بالقَلقِ؛ لأنه ليس شَكًّا مَبنِيًّا على أصل، فهو قَلِقٌ منه: هل يكونُ ذلك الشَّكُّ حقِيقَة أو مجَرَّدَ شُبْهَة واشتباه؟ بخلافِ الشَّكِّ الذي له أصْلٌ حَقِيقِيٌّ فنَجِدُ صاحبه ليس بقَلِقٍ منه، كما لو شكَّ في عَدَدِ ركعاتِ الصلاة.