للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنها: أنها التَقَمَتْ ما جاءَ به السَّحرةُ من الحِبالِ والعِصِيِّ.

ومنها: أنه كان يَضْرِبُ بها الحجرَ فتَنْفَجِرُ عيونًا.

ومنها: أنه ضَربَ بها البحرَ فانْفلَقَ، بل كان كُلُّ فِرْقٍ كالطَّودِ العظيمِ.

لو قال قائل: هل يُسْتَحَبُّ أخذُ العَصا؟

الجوابُ: هذا ليس من سُنَّةِ الرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [ومَائدَةُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ]، هذا التَّمْثِيلُ من المُفَسِّر يَدُلُّ على أنه يَرَى أن المائدة أُنْزِلَتْ، وهذه المسألة فيها خِلافٌ بين أهل العِلمِ، فمنهم من قال: إن اللَّه أنزلَ المائدَةَ على بَنِي إسرائيل، ومنهم من قال: إن اللَّه لم يُنْزِلْها، ولنَنْظُرْ في الآيات:

قال اللَّه تعالى: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: ١١٢ - ١١٣]، اللَّه أكبر! الناسُ دائمًا يُريدونَ ملءَ بُطونهم، وأيضًا قومُ موسَى قالوا: (حِنْطَة) بدَل (حِطَّة).

ثم قال اللَّه تعالى: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: ١١٥].

إذا نظرنا إلى قوله: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} فظاهِرُهُ أنها نزلَتْ، وإذا نظرنا إلى الشرطِ في قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ} قلنا: إنها لم تَنْزِلْ؛ لأن اللَّه تعالى ذَكَرَ شَرْطًا لنُزولها ولم يُوجَدْ هذا الشرطُ، فدَلَّ عدمُ وجودِ الشرطِ على عدمِ وجودِ النُّزولِ، والشرطُ سواء ذكر في أولِ الآية أو آخرها فهو معْتَبَرٌ، فهذا التَّعْذيبُ

<<  <   >  >>