يؤَثِّرُهُ كثيرٌ من أهلِ العِلْمِ، فاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إذا أَعْطى الإنسانَ قوَّةً في البيانِ وانْطِلاقًا في العبارَةِ فإن ذلك من نِعْمَةِ اللَّه، ثم مِنَ الناس من يُعطِيهِ اللَّهُ الفصاحَةَ في القولِ والكِتَابَةِ، ومنهم من يُعْطِيهِ اللَّه تعالى الفصاحَةَ في القولِ دُونَ الكتابةِ، ومنهم من يكون فَصِيحًا في الكِتابةِ دُونَ القولِ.
وحدَّثَنِي شيخُنَا محمدُ العبد العزيز المطَوع رَحِمَهُ اللَّهُ أن عالمًا من العلماءِ المشْهُورينَ الذين يَمْلِكُون زِمامَ الفصاحة في كتابتِهِمْ، كتابته بليغة جدًا، ولكنه في في الإلقاءِ ضَعِيفٌ جِدًّا؛ لأن عبارَتَهُ ليست بجَيِّدَةٍ ولا سلسلة ولا مُقْنِعَةٍ، لكنَّ كتاباته -سبحان اللَّه العظيم- مشهودة له بالفصاحة والبيان.
ومن الناس من تجِدُه بعكس ذلك، تجده إذا قام يتَكَلَّمُ لا تريدُهُ أن يسْكُتَ، فعندَهُ قوة في البيانِ وإيرادِ الحُجَجِ، لكن عندما يكْتُبُ تجِدُ ركاكَةً وعِيًّا وعدمَ فصاحَةٍ، وبعضُ الناس رَديءٌ من الجهتين.
لو قال قائلَ: هل هناك عواملُ تساعِدُ على الفصاحَةِ؟
فالجواب: كل الطبائعِ غريزةٌ ومكتسبةٌ، فمن الناس مَنْ يُعْطِيهِ اللَّه تعالى موهِبَةً من أصل طَبِيعَتِه ئم ينَمِّي هذه الموهبةَ بالاطِّلاع والقِراءةِ، ومن الناس من تكونُ فصَاحَتُه بسببِ الدِّرَاسَةِ وكثرة القِراءةِ وسماع الخطباءِ فيتَأَثَّرُ بهم كثيرًا ويكتسب هذه الموْهِبَةَ، ولهذا الذي يُطالِعُ كتبَ عالمٍ من العلماء ويُدْمِنُ المطالَعَة في كُتُبه تَجِدُهُ يتأَثَّرُ به من حيثُ العلم، ومن حيثُ الأُسلوبِ وإيرادِ الكلامِ.