وبعضهم يقول: إنه ضَمِيرٌ، لكن ليس لَهُ مَحِلٌّ من الإعرابِ.
وبعضهم يقولُ: هو ضميرٌ ومَحِلُّهُ مِنَ الإعراب ما قَبْلَهُ.
لكنَّ الأخيرَ خلافُ قواعدِ اللُّغَةِ العربية؛ لأن الضَّمائرَ لا يُنْعَتُ بها ولا تُنْعَتُ، صَحيحٌ أنها تُؤَكِّدُ كما تقولُ: قام هو، والأرْجَحُ الذي عليه الأكثرُ أنه حَرْفٌ جِيءَ به للفَوائدِ الثلاثةِ السابقة.
وقوله:{الْخَاسِرُونَ} اعلم أن الخُسْرانَ، يكونُ بفواتِ المحْبُوبِ ويكونُ بحصولِ المكْرُوهِ، والذي حصَلَ لهؤلاءِ المؤْمِنينَ بالباطِلِ الكافرين باللَّه كِلا الأَمْرَيْنِ، فهم فاتَهُمُ المطلوبُ ووقَعُوا في المكروه: فاتهم الثَّوابُ العظيمُ الذي أعدَّهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ للمؤمنين به مِنَ الجنَّاتِ، ووقَعُوا في المكروهِ وهي النَّارُ -والعياذ باللَّه- فخَسِرُوا الأمْرَيْنِ جَميعًا.
فـ {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} في صَفْقَتِهِمْ، حيث اشتروا الكفرَ بالإيمانِ، فخَسِرُوا أنفُسَهُم وأهَلْيهم وأمْوالهِمْ ودُنْياهُم وآخِرَتَهم، نعوذُ باللَّهِ من ذلك، خَسِرُوا أنفسهم لأن أنْفُسَهُم التي كانوا بِصَدَدِ أن يحْمُوها عَنِ المحارِمِ وعن الباطل ضَيَّعُوها فخَسِرُوها، ضاعَتْ مع نُفوسِ الهالِكِينَ، وخَسِرُوا أهْلِيهِم لأن المؤمنين قد رَبِحُوا أهْلِيهِمْ في الدنيا والآخرة، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}[الطور: ٢١].
أما هؤلاء فخَسِرُوا ذُرِّيِّتَهم في الدُّنْيَا والآخِرَةِ ولم يَنْتَفِعُوا بها؛ لأن أهلَ النَّار لا يجْتَمِعُون ولا يتَآلَفُونَ ولا يتَحَابُّون، بل العَكْسُ:{كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا}[الأعراف: ٣٨]، وكلُّ إنسانٍ -والعياذ باللَّه- في تابُوتٍ مُعَذَّبٌ وحْدَهُ، وخَسِرُوا أموالهُم