بمعنى السَّتْرِ، ومنه سُمِّيَ الكُفُرَّى وهو طَلْعُ النَّخْلِ لأنه يَسْتُرُ التَّمْرَ، وعندنا يُسمونَهُ الكافور.
وقَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[منكم] هذا من أغربِ ما يكونُ، إلا إذا كان يَرَى أن قولَهُ:{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ} من كلام الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فيكونُ قوله:[مِنْكُمْ] له وَجْهٌ، ويكونُ الرسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يخاطِبُ المشْرِكِينَ، ويكونُ المعنى {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ} منكم أيها المشْرِكُونَ، أما إن كانت مِنْ كلامِ اللَّه فهي عَامَّةٌ.
قوله: [{أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} فِي صَفْقَتِهِمْ حيثُ اشْتَرَوا الكُفْرَ بالإيمانِ]: وصياغَةُ الجملَةِ على هذا الوجه له مَعْنَى عَظِيمٍ، حيث جاءتِ الجملَةُ الاسميةُ المفِيدَةُ للحَصْرِ، لو قال: والذين آمنوا بالباطل وكفروا باللَّه الخاسرونَ، لعُلِمَ المعنى، لكن قولَه:{أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} أبْلَغُ؛ لأن الإشارةَ للتَّعْيِينِ.
وضميرُ الفَصْلِ يُفِيدُ الحَصْرَ، فيكون حَصْرُ الخسرانِ فيهم من جِهَتَيْنِ: من جهةِ التَّعْيِينِ بالإشارة في قوله: {أُولَئِكَ}، ومِنْ جِهَةِ الفَصْلِ بالضَّمِيرِ {هُمُ}، فهؤلاءِ خَسِرُوا صَفْقَتَهُمْ، فما رَبِحُوا بل تَضَرَّرُوا بهذه الصفْقَةِ.
واعلم أن ضَميرَ الفَصْلِ يُفِيدُ التوكيدَ والحَصْرَ، وكذلك التَّمْيِيزُ أو الفَصلُ بين الصِّفَةِ والخبرِ، ولهذا سُمِّيَ (ضمير فصل)، فإذا قُلْتَ:"زيد الفاضلُ"، يُحتملُ أن الفاضِلَ صِفَةٌ والخبرُ منتَظَرٌ يعني: زيدُ الفاضِلُ قائمٌ، فإذا قلت: زيدٌ هو الفَاضِلُ، تعَيَّنَ أن يكونَ خبرًا.
وضَمِيرُ الفَصلِ الأصَحُّ أنه حَرفٌ لكنه بصِيغَةِ الضَّمِيرِ.