للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكان له وَجْهٌ؛ لأن التحاكمَ إليه يُوجِبُ اغترارَ المسلمين بذلك، لكنَّ جوازَ التَّحاكُمِ هو الظَّاهِرُ، إلا إذا كانت المفْسَدَةُ متَيَقَّنَةً فيَجِبُ أن تَتَجَنَّبَ هذا وتجعلَ مَا لك مِنْ حقٍّ مِنَ الأُمورِ التي قَدَّرَ اللَّه عليها التَّلَفَ بحَريقٍ أو بِلُصوصٍ تَسَلَّطُوا عليه، وإذا كان عَالمًا أو قُدْوة ويُخشَى أن تكونَ مَفْسَدَةٌ من تحاكُمِهِ، فالأَوْلَى ألا يَتَحَاكَمَ إليهم، إلا إذا تَيَقَّنْتَ المفسدةَ فيَجِبُ عدمُ التَّحاكُمِ، ويَرَى أن هذا أمرٌ قَدَّرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عليه، ولو جعل مُحَاميًا عنه -أي وكيلًا عنه- قد يكونُ أخْفَى وأَوْلى؛ لأنَّه قُدْوَةٌ؛ هذا إذا كان مضطرًا لذلك.

وأما حُكْمُ من يعْمَلُونَ في هذه المحاكمِ غيرِ الشَّرْعِيَّةِ: فإذا كان عمَلُهُم للتَّخْفِيفِ من مخالفَةِ الشرعِ فهذا لا بأس به، بل قد يَجِبُ عليهم هذا إذا قالوا: سنكونُ حُكَّامًا لأجلِ أن نَحْكُم بالشَّريعَةِ بقدرِ ما نَسْتَطِيعُ، وكي نُخَفِّفَ الأحكامَ المخالِفَةَ للشرعِ، مثاله: في بعض الأحيان يَحْكُمُ بالحقِّ، وإذا أُجْبِرَ حَكَمَ بالحقِّ ثم أتى بمُبَرِّرَاتٍ تُخَالِفُ معارضَةَ هذه الأحكامِ الوضْعِيَّةِ، فهذا يجبُ عليه الدُّخولُ، أما إذا كان لا يُمْكِنُ أن يحْكُم إلا بالطَّاغوتِ، فلا يجوز أن يدْخُلَ هذه المحاكم ولا يعمل فيها.

* * *

<<  <   >  >>