للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَقِيَنِي بدونِ سابِقِ عِلْمٍ، فهذا لا بأسَ به، وما زالَ النَّاسُ يُعَبِّرُون بهذا.

قوله: {يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} يعني: يَطْلُبونَ منْكَ تَعْجِيلَهُ، ولكن الأمورَ مُقَدَّرةٌ في يدِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ولهم عذابٌ لن يَسْتَطِيعُوا الخلاصَ منه، لهذا قال: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} هذه الجملَةُ مؤَكَّدَةٌ بمُؤَكِّدَيْنِ بـ (إنَّ) و (اللام).

ومعنى الإحاطَةِ بالشيءِ، أن يَأْتِيهُ العَذابُ من كلِّ جانِبٍ، و {جَهَنَّمَ} هي اسم للنَّارِ أعاذَنَا اللَّه منها، وسُمِّيَتْ بذلك لأمرين: لبُعدِ قَعْرِهَا، وسوادِها، فهي من الجَهمة، والنون زائدة فيها، وعلى هذا فيكونُ وَزْنُها (فَعَنْلَلَ) وقيل: إنها اسم أجْمَي وإن أصلها (كهنام) في اللغة الأعجمية، لكن عندما عُرِّبَتْ حصَلَ فيها تَغْيِيرٌ فصارَتْ جَهَنَّمَ.

والغريب أن العَجَمَ الآن عندما يتحدثونَ إذا أرادُوا أن يُعَبِّرُوا عن النارِ يقولون جهَنَّم حتى نار الدُّنيا يُسَمُّونَها جهنم مع أننا نقول جهنَّم للنارِ العظيمَةِ، أما النار التي تَشْتَعِلُ بعودِ الكبريتِ فلا نُسَمِّيهَا جهنَّم لكن عندَ العجمِ اسمٌ لمطْلَقِ النَّارِ.

وأما حديثُ: "أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ عَامٍ حَتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ. . . " الحديث (١)، فهو حديثٌ ضعيفٌ، لكن مادة الجِيمِ والميمِ تَدُلُّ على هذا، والجَهمة في اللُّغَةِ الظُّلمَة، فهي سوداءُ مظلِمَةٌ والعياذ باللَّه.


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط (٣/ ٨٩) (٢٥٨٣) عن عمر بن الخطاب بلفظ: "إن اللَّه تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم امر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت"؛ والبيهقي في شعب الإيمان (١/ ٤٨٩) (٧٩٩) عن أنس.

<<  <   >  >>