للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سأُهْلِكُهم، لك أن تقول: نعم وجزاكَ اللَّه خيرًا، لكن الحكمةَ هي التي تمْنَعُ الإنسانَ من أيِّ فِعْلٍ لا يُحْمَدُ عُقْباهُ، ولذلك يقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: ٢٦٩].

وكثيرًا ما ينْدَمُ الإنسان على تَصَرُّفاتِهِ بسببِ عدمِ الحِكْمةِ، فلهذا يجِبُ على الإنسان أن يُغلِّب جانب العَقْلِ دائمًا لا جانِبَ العاطِفة؛ لأن جانب العاطِفَةِ فيه خَللٌ كثيرٌ، لكن تغليبَ جانبِ العقلِ هذا هو الحِكمَةُ.

الفَائِدةُ الرَّابِعةُ: أن أفعال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مقدَّرَةٌ منَظَّمَةٌ لا تأتي صُدْفةً بغيرِ عِلْمٍ ولا بغيرِ رَشَدٍ، بل هو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كاملُ العِلم كامِلُ الحِكمَةِ، كلُّ أفعالِهِ مُقَدَّرَةٌ منَظَّمَةٌ لقوله: {وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ}.

الفَائِدةُ الخامِسَةُ: أن الحوادث مُقَدَّرَةٌ عندَ اللَّه تعالى في عِلمِهِ، لقوله: {وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى}، فيكونُ هذا فردًا مِنَ الأفرادِ الكثيرةِ الدَّالَّة على أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَدَّرَ ما يكون، ولا نقول: خَلَق، بل قَدَّر؛ لأن الخَلْقَ تابعٌ للإرادَةِ، متى أرادَ أن يفْعَلَهُ عَزَّ وَجَلَّ خلقه لكِنَّهُ مُقَدَّرٌ.

وقد دَلَّ على هذا قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: ٧٠]، وهاتان مَرْتَبتَانِ من مراتبِ القضاءِ والقَدرِ، فالقضاءُ والقَدَرُ يتضَمَّنُ أربعَ مراتب عندَ أهلِ السُّنَّةِ ففي هذه الآية الكريمة مرتبتانِ: وهما العِلْمُ والكتابةُ قال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ}، وقوله: {إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ}، والمرتبة الثالثةُ: المشِيئَةُ، والرابعة: الخَلْقُ.

عِلْمٌ كِتَابَةُ مَوْلَانَا مَشِيئَتُهُ ... وَخَلْقُهُ وَهْوَ إِيجَادٌ وَتَكْوِينُ

<<  <   >  >>