عِبَادًا، وإضَافَتُهم إلى اللَّه بالعُبودِيَّةِ تشريفٌ لهم بلا شَكٍّ.
الفَائِدةُ الثَّالِثة: وجوبُ الهجْرَةِ، وأن الهِجرةَ من عِبادَةِ اللَّهِ لقوله:{إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}.
الفَائِدةُ الرَّابِعة: الحِكْمَةُ من الهِجْرَةِ هو القيامُ بعبَادَةِ اللَّه، لقولِهِ عَزَّ وَجَلَّ:{فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}، وعليه إذا تَمَكَّنَ الإنسانُ من عبَادَةِ اللَّه فلا تَجِبُ عليه الهِجْرَةُ، لكنَّ الأفضَلَ الهِجْرَةُ.
الفَائِدِةُ الخامِسةُ: أن المهاجِرَ سيَجِدُ سَعةً في أرضِ اللَّهِ، لقولِهِ عَزَّ وَجَلَّ:{إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} ويَشْهَدُ لهذا قوله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً}[النساء: ١٠]، فهؤلاءِ تَرَكُوا بلادَهُم التي ضُيِّق عليهم فيها، فعَوَّضَهُم اللَّهُ بِلادًا لا يجِدُونَ فيها الضِّيقَ بل يجِدُونها ذَاتَ سَعَةٍ، ومن تركَ شيئًا للَّه عوَّضَهُ اللَّهُ خيرًا مِنْهُ.
الفَائِدةُ السَّادسَة: إنعامُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على عِبادِهِ بالتَّرْغِيبِ بفِعْلِ الواجباتِ، لقولِهِ:{إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}، وهذا فيه مِنَ التَّرْغِيبِ والحثِّ على القيامِ بالواجِبِ ما هو ظاهِرٌ وبيِّنٌ.
الفائِدَتانِ السَّابِعَةِ والثَّامِنَةِ: تَوجِيهُ الأمرِ للإنسانِ بما هو متَّصِفٌ بِهِ، لقوله:{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} ثم قَالَ: {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}، ويَنْبَنِي على هَذِهِ الفَائِدة أن الأمْرَ الموجَّه لمن يتَّصِفُ به يرادُ به أمران هما: تحْقِيقُهُ، والاستِمْرارُ فيه وتَكمِيلُهُ؛ لأنك إذا قلت: يا قائمٌ قُمْ، فليس لهذا مَعْنًى إلا إذا كان الغَرضُ أن تأْمُرَهُ أن يستَمِرَّ في القيامِ، وكذلك لو قلت: يا رَجُلَ كُنْ رجلًا، أي: اثْبُتْ على هذا وحقِّقِ الرُّجولَةَ وكَمِّلْهَا.