للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَكَأَيِّنْ}: مبتدأٌ.

وقوله: {مِنْ دَابَّةٍ}: تَمييزٌ لها.

وجملة: {لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} قيل: إنها هي الخبرُ، وقيل: جملةٌ {اللَّهُ يَرْزُقُهَا} هي الخبرُ، وجملة: {لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} صِفَةٌ لدَابَّةٍ، وهذا أقربُ؛ لأن الكلامَ لا يَتِمُّ إلا بقولِهِ: {اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ}.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} لا تستَطيعُ أن تَكْتَسِبَ وتحْمِلَ الرِّزْقَ حتى تقومَ بكفايَةِ نفْسِهَا، وهذا شيء كثيرٌ ويَرِدُ علَيْنَا نحنُ في حال الصِّغَرِ والطُّفولَةِ فلا نَسْتَطِيعُ أن نحملَ رِزْقنَا, ولولا أن اللَّه قيَّضَ لنا الأمَّ وقيَّضَ لنا الرضاعة من الأمِّ ما حَمَلْنَا الأرزَاقَ، كذلك يُوجَدُ دوابٌّ تأْتِيهَا أمراضٌ وعاهات فلا تستطيعُ أن تَطْلُبَ الرِّزْقَ فيُهَيِّئُ اللَّه لها رِزْقًا بحيثُ يأْتِيهَا وهي في مكانِهَا.

وكم قُصَّ عَلَيْنَا مِنْ قصصٍ كَثِيرةٍ في هذا البابِ؛ كدابَّةٍ جاءَهَا أمراضٌ وكُسِرَتْ رِجْلُها أو عَمِيت، أو طائر كُسِرَ جنَاحُهُ وما أشْبَه ذلك، فيَجِدُونَ الأشياء تأتي إليها باذنِ اللَّه جَلَّ وَعَلَا، وتأكلُ وهي في مكَانِهَا، وتوجَدُ دوابُّ صغيرةٌ لا تستطيع أن تَذْهَبَ بَعِيدًا ثم يُقَيِّضُ اللَّه لها طعامًا يَسْقُطُ حولها وتأتِي إليه، وهذه الدَّوَابُ منها ما يستَطِيعُ أن يدَّخِرَ الرزقَ بنَفْسِه، ومنها ما لا يَدَّخِر الرزقُ، ومنها من له أعوانٌ، ومنها من ليس له أعوانٌ، والذي يتَفَكَّرُ في مخلوقاتِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في هذا الأمرِ يجِدُ العَجَبَ العُجابَ!

وقد ذكَر ابنُ القَيِّم رَحِمَهُ اللَّهُ قِصَّةً، أن رَجُلًا وضَعَ طَعَامًا لنَمْلةٍ فلما أحسَّتْ به عَجَزتَ عن أن تَحمِلَهُ فذهبت إلى صاحباتها مِنَ النملِ ودَعَتْهُم فجاءوا، فلما جاءوا وصارُوا حول المكان رُفِعَ الطعام فلم يجدوه، فجَرَوا وبقَيِتْ هي تُفَتِّشُ حول المكان

<<  <   >  >>