ظاهرُ كلامِ المُفَسِّر أنه واحدٌ، ولهذا قال:{وَيَقْدِرُ لَهُ} بعد البَسْطِ، والسببُ أن الضميرَ في قوله:{لَهُ} يعودُ بلا شك على قولِهِ: {لِمَنْ يَشَاءُ} فكأن المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ أرادَ أن يعودَ عليه باعتِبارِ عَيْنِهِ، لكننا نقولُ: لا مانع من أن يعودَ إليه باعتبارِ جِنْسِهِ لا باعتبارِ عَيْنِهِ، كما قال تعالى:{وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ}[فاطر: ١١]، فلا يَصْلُحُ أن يعودَ الضميرُ في قوله:{مِنْ عُمُرِهِ} على المُعَمَّر؛ لأنه إذا نَقَصَ مِنْ عُمُرِه لم يكنْ مُعَمَّرًا، فالمرادُ من عمَّرَه باعتبارِ الجنْسِ، فيكون:[عُمُر مُعَمَّرٍ آخر].
ومثله أن تقول:(أعْطَيْتُ هذا الرجلَ دِرْهمًا ونِصْفَه) أي: نصفَ دِرْهَمٍ آخر؛ لأن قولك:(ونصفه) ليس المرادُ نصف هذا الدرهم، ولو كَسَرْتَ هذا الدِّرْهَم وأعطيَتَهُ إياه كامِلًا أعطيتَهُ نِصْفين ولم تُعْطِه دِرْهمًا ونِصْفًا.
فالذي يَظْهَرُ أن الضميرَ في قوله:{لَهُ} يعودُ عَلَى {لِمَنْ يَشَاءُ} باعتبار الجِنْسِ لا الفعلين، فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ يبْسُطُ الرِّزْق لهذا ويُضَيِّقُه على هذا، كما أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يبسُطُه لهذا أحيانًا ويُضَيِّقُه عليه أحيانًا، ونحن نرى مِنَ الأغنياءِ من رَجَع فقيرًا ومن الفُقراء من رجعَ غَنِيًّا، فاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يبْسُطُ الرزقَ باعتبارِ العَيْنِ وباعتبارِ الجِنْسِ.