للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمنافِقُ لا يصحُّ أن يُسمَّى مؤمنًا على الإطْلاقِ، بل إنَّما يقالُ: مؤمنٌ بلِسَانهِ كافِرٌ بقَلْبِهِ.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَنْ يَقُولُوا} أي: بِقَوْلهِمْ: {آمَنَّا}] اهـ.

يَعْنِي: أَيَظُنُّ النَّاسُ أن يُتْرَكوا بلا فِتْنةٍ إذا قَالُوا: آمَنَّا.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَهُمْ لَا يُفتَنُونَ} يختبرون بما يتبين به حقيقة إيمانهم]، وهذا الاستْفهامُ للإنْكارِ، يعني: لا تَظُنوا أنكم إذا قُلتم: آمنا، تُرِكتُم بلا فِتْنةٍ، بل لا بُدَّ مِنْ فِتْنة واخْتبارٍ، واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَبْتلي المرءَ تارَة بأفْعالِهِ التي يفْعلُهَا به عَزَّ وَجَلَّ، وتارَةً بأفْعالِ غيم التي يُسَلَّطون بها عَلَيْهِ، أما بأفْعالهِ: فإنَّ اللَّه تعالى قد يَبتِليَ الإنسانَ بمصائبَ يَخْتبِرُ بها إيمانَهُ، مصائبَ في أهلْهِ أو مالِهِ أو بدَنِهِ، ومنَ الناسِ منْ إذَا أصابَتْهُ هذه المصائبَ -والعياذُ باللَّه- عَجَزَ أن يَصْبر، ورُبَّما ارتَدَّ بعدَ إسلامِهِ وكَفَرَ، ومنَ النَّاسِ من يَصْبرُ ويحْتَسِبُ.

كذلك قد يُبتَلى المرءُ بأمْر يُسلِّطهُ اللَّهُ عليه، مِثْلُ أن يُسَلِّط عليه قومًا يُؤْذُونه بالقولِ أو بالفِعلِ أو بِهما جميعًا، مثل ما حَصَل للنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فإنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أُوذِيَ إيذاءً عظيمًا من قَومهِ، ومن غيرِ قومِهِ، وكذلكَ أصْحابُهُ أُوذُوا إيذاءً عظيمًا، ومع ذلك صَبَرُوا واحتَسَبُوا، فإن عمَّارَ بنَ ياسرٍ وآلَه حصل لهُم إيذَاءٌ عظيمٌ، وكذلك غيرُهُمْ مِنَ المؤمنين، منهم مَنْ يُؤْذَى بالقَولِ، ومنهم مَنْ يُؤْذَى بالفِعْل، ومنهم من يُؤْذَى بالقولِ وبالفِعْل.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [وَنَزَل فِي جماعَةٍ آمنُوا فآذَاهُمُ المشْركونَ] اهـ.

أي: مِنَ الناسِ مَن يقولُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: ١٠]، ثمَّ يرْتَدُّ والعِياذُ باللَّه.

<<  <   >  >>