للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}، فأرسلَ اللَّهُ نُوحًا وهو أوَّلُ رسولِ أُرسِل إلى البَشرية.

قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} وعُمرُهُ أربعونَ سَنَةً أو أكْثَرَ]: نحن لا نَعلَمُ بالتَّحديدِ كم عُمرُهُ، لكننا نَعلمُ عِلمَ اليَّقينِ أنَّ اللَّه أرْسلَهُ وعمره قابلٌ لأن يكون أهْلًا للرِّسالة سواءٌ كان أرْبعينَ سَنةً أو أكثرَ، ولا أظنُّه يكونُ أقَلَّ، وقوله: {إِلَى قَوْمِهِ} فيه شاهد للحَديثِ الصحيحِ: "كانَ النَّبِيُّ يُبعَثُ إِلَى قَوْمهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" (١).

قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} يَدعْوُهم إلى توحيدِ اللَّهِ فكذَّبُوه].

{فَلَبِثَ فِيهِمْ} أي: في دَعوتِهم إلى دِينِ اللَّهِ، {أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}: تِسْعَمئةٍ وخمسينَ سنَة يدْعوهُم إلى عبادة اللَّهِ، عُمرٌ طَويلٌ وهو معهم في صِراعٍ، وفي سورةِ نُوحٍ يقولُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤) قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (٦) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} لئَلَّا يسْمعُوا ما أقولُ: {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} تَغَطَّوا بِها لئَلَّا يَرَوْنِي -أعوذ باللَّه- يعني أنهم يَسدُّونَ كلَّ منافِذَ الوعي: السمعَ والبصرَ، {وَأَصَرُّوا} على ما هم عليه مِنَ الباطِلِ ومنَ المعاصِي، {وَاسْتَكْبَرُوا} عن الواجباتِ، {اسْتِكْبَارًا (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} [نوح: ٢ - ٩].


(١) أخرجه البخاري واللفظ له: في أول كتاب التيمم، رقم (٣٢٨)؛ ومسلم في أول كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم (٥٢١).

<<  <   >  >>