للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو موضِعُ النارِ البَعيدِ عن الرُّطوبَةِ، (فار): بدأَ يَفورُ عُيونًا، يعني سيكونُ الماء بعدَ ساعاتٍ فوقَ قِمَمِ الجبالِ، وهكذا كان بإذنِ اللَّه، فالأرضُ كُلُّها تَبُثُّ عُيونًا، والسماءُ مُنهَمِرَةٌ بالمياهِ العَظِيمة, {فَالْتَقَى الْمَاءُ}: ماءُ الأرضِ وماءُ السماءِ {عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} وقد وردَ في الحديثِ أنه: "لَو رَحِمَ اللَّهُ أَحَدًا مِنْ قَوْمِ نُوحٍ لَرَحِمَ أمّ الصَّبِيِّ" (١)، وهي امرأة كانَ معها صَبِيٌّ كما وصَلَهَا الماءُ صَعِدت إلى الجبلِ، وكلما وصَلَها صَعِدت، حتى وصلتْ إلى قِمَّةِ الجبل فلما ألجَمهَا الماء حَملتْ ولَدَها فوقها لأجلِ أن تَغرق قبلَ ابنِهَا, ولكن -والعياذ باللَّه- رحمةُ اللَّه تعالى لا تُدركُ الكافِرينَ بعد أن يَرَوا العذابَ، قال تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: ٨٥].

قوله: {وَهُمْ ظَالِمُونَ} جملةٌ في موضِعِ نَصبٍ على الحالِ مِنَ الهاءِ في قوله: {فَأَخَذَهُمُ}، يعني: والحالُ أنهم ظالمونَ، أي: مُقِيمون على الظُّلمِ لم يُؤمنُوا؛ لأنه ما آمن مع نُوحٍ إلا نَفَرٌ قليلٌ.

* * *


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٧٢) (٣٣١٠).

<<  <   >  >>