للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأشجعي، فقال عمر: ما لك ولهذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين رأيته يسوق بامرأة مسلمة فنخس الحمار يصرعها فلم تصرع، ثم دفعها، فخرت عن الحمار فغشيها، ففعلت ما ترى، فأتى زوج المرأة وأبوها، فصدقا عوفًا فيها بما قال، فقال عمر: والله ما على هذا عاهدناكم، فأمر به فصُلب، ثم قال: يا أيها الناس، فوا بذمة محمد ، فمن فعل منهم هذا فلا ذمة له. وأخرجه الطبراني (١)، ورجاله رجال الصحيح. وأخرج عبد الرزاق (٢)، عن ابن جريج، أخبرت: "أن أبا عبيدة بن الجراح، وأبا برزة قتلا كتابيين أرادا امرأة مسلمة على نفسها". وأخرج أبو داود (٣)، عن ابن عباس: "صالح رسول الله أهل نجران على ألفي حلة". فذكر الحديث، وفيه: "على أن لا تهدم لهم بيعة، ولا يخرج لهم قس، ولا يفتنون عن دينهم، ما لم يحدثوا حدثًا أو يأكلوا الربا". ولم يختلف أهل السير ابن إسحاق، وموسى بن عقبة، وجماعة ممن روى السير أن بني قينقاع كان بينهم وبين رسول الله موادعة وعهد، فأتت امرأة عن الأنصار إلى صائغ منهم ليصوغ لها حليًا، فلما جلست عنده عمد إلى بعض حدائده فشد بها أسفل ذيلها وجنبيها وهي لا تشعر، فلما قامت المرأة وهي في سوقهم نظروا إليها متكشفة فجعلوا يضحكون منها ويسخرون، فبلغ ذلك النبي ، فنابذهم وجعل ذلك منهم نقضًا للعهد، انتهى.

وقد وقع في نفسي في قول علمائنا أن الذمي إذا سب النبي لا ينقض عهده؛ لأن سبه كفر منه، والكفر المقارن لا يمنعه، فالطارئ لا يرفعه. إن هذا الفعل مما لم يعاهدوا على مثله، وإنه كالقتال في إيلام قلوب المسلمين، وقد وقع العهد على أنهم لا يظهرون كفرهم لنا، وإن أظهروه حل لنا منهم ما يحل لنا من أهل الشقاق والمعاندة


(١) المعجم الكبير (٦٤) (١٨/ ٣٧).
(٢) مصنف عبد الرزاق (١٠١٧٠) (٦/ ١١٥).
(٣) سنن أبي داود (٣٠٤١) (٣/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>