للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نظرٍ واجتهاد. والثاني: يعمُّ لاشتراكهم في العلم به. قال سليم الرازي: إجماعُ الخاصة هل يُحتاج معهم فيه إلى إجماع العامة؟ فيه وجهان، والصحيح أنه لا يُحتاج فيه إليهم. قال الجويني: حكم المقلِّد حكم العامّي في ذلك، إذْ لا واسطةَ بين المقلِّد والمجتهد. اهـ.

فأقول: هذه المسألة التي هي تقليد الأموات مسألة أصولية قطعًا، وقد علمتَ مما نقلناه أن الراجح أن إجماع أهل كل فنٍّ على شيء من مسائله كافٍ في الحجية، بل إذا كانت المسألة مما يختصون بمعرفته كان إجماعهم فيها حجةً وفاقًا، كما هو قضية كلام الروياني.

وثالثًا: قد زعم بعض المجيزين الإجماع في عصره على الجواز، ولا شك أن ذلك بعد إجماع الأصوليين الذي نقله الغزالي، فعلى فرض تسليم هذا الإجماع الثاني هل يكون ناقضًا للأول؟ فنقول:

حكى الشوكاني أيضًا (١) في بحث الإجماع على شيء بعد الإجماع على خلافه: أن الجمهور على المنع.

إلى أن قال: وحكى أبو الحسن السهيلي في "آداب الجدل" له في هذه المسألة أنها إذا أجمعت الصحابة على قول، ثم أجمع التابعون على قولٍ آخر، فعن الشافعي جوابان:

أحدهما ــ وهو الأصحُّ ــ: أنه لا يجوز وقوعُ مثلِه، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر أن أمته لا تجتمع على ضلالة (٢).


(١) "إرشاد الفحول" (١/ ٤٠٥).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٣٩٥٠) من حديث أنس بن مالك، وفي إسناده أبو خلف الأعمى متروك، وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (٨٣) من طريق آخر، لكن فيه مصعب بن إبراهيم منكر الحديث. وله شواهد يرتقي بها إلى الحسن لغيره.