للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: والغرابة في الاصطلاح إما في المتن وإما في السند، فالغرابة في المتن: أن ينفرد بمتنه واحد. وهذا الحديث تفرّد به أبو جعفر عن عمارة، وتفرّد به عمارة عن عثمان بن حنيف. ومع ذلك فالدعاء الذي تضمّنه غريب في الأدعية المأثورة، ليس له أنيس، فهو غريب في متنه في بابه.

[٢١٥] وقال السيوطي في «شرح التقريب» (١) في الكلام على الشاذ وعند قول المتن: (وقال الحاكم (٢): هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل بمتابع) لذلك الثقة. قال: ويغاير المعلل بأن ذلك وُقِف على عِلّته الدالة على جهة الوهم فيه، والشاذّ لم يوقَف فيه على علة كذلك، فجعل الشاذ تفرّد الثقة، فهو أخص من قول الخليلي.

قال شيخ الإسلام (٣): وبقي من كلام الحاكم: وينقدح في نفس الناقد أنه غلط، ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك، قال: وهذا القيد لا بدّ منه، قال: وإنما يغاير المعلل من هذه الجهة، قال: وهذا على هذا أدقّ مِن المعلّل بكثير، فلا يتمكَّن من الحكم به إلا مَن مارس الفنَّ غاية الممارسة، وكان في الذروة من الفهم الثاقب ورسوخ القَدَم في الصناعة.

قلت: ولعُسْره لم يفرِدْه أحدٌ بالتصنيف. ومن أوضح أمثلته: ما أخرجه


(١) (١/ ٢٦٨ - ٢٦٩).
(٢) في «معرفة علوم الحديث» (ص ٣٧٥).
(٣) يعني الحافظ ابن حجر، وقد نقله عنه تلميذه البقاعي في «النكت الوفية»: (١/ ٤٥٥) بأتم مما هنا. ولعل السيوطي لخصه منه.