للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقلهما الشوكاني (١).

ومن ذلك ما نقل عن ابن عبد البر (٢) قال: وجاء رجل إلى مالك فسأله، فقال له مالك: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كذا وكذا، فقال الرجل: أرأيتَ؟ فقال مالك: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣]، وقال: لم يكن فُتيا الناس أن يقال لهم: قلتُ هذا، كانوا يكتفون بالرواية ويَرضَون بها.

وحيث كان فرض من ذُكِر سؤال المجتهد فعلى المجتهد أن يجيب السائل بذكر الدليل، أي بتلاوة الآية أو رواية الحديث، ثم يفسِّره للسائل بلُغته العامية أو الأعجمية حتى يفهمه، فيذهب السائل فيعمل بذلك. ثم إذا عرضتْ له واقعة أخرى ذهبَ فسأل مجتهدًا، إما الأول وإما غيره، وهكذا. فلا يتعين عليه استفتاء مجتهد مخصوص في كلِّ قضاياه، بل أيّ مجتهد وجده كفاه.

إن كان السائل من الرتبة الثالثة، فإن كان الدليل قطعي المتن والدلالة كفى المجتهد أن يذكر له الدليل، ويخبره أنه محكم. وإن كان قطعي المتن ظني الدلالة ذكره له، وأخبره أنه قد اجتهد فلم يجد ما يخالفه. وإن كان ظني المتن قطعي الدلالة أخبره به، وأنه ثابت، وأنه قد اجتهد فلم يجد ما يخالفه. وكذا إن كان ظنيهما.

وإن كان السائل من الرتبة الثانية، فإن كان الدليل قطعي المتن والدلالة


(١) في "القول المفيد" (ص ٢٣، ٢٤) طبعة القاهرة ١٣٤٧.
(٢) في "التمهيد" (٨/ ٤١١).