للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض (١) *

فإنها تبقى عليهم اللائمة من حيث إنهم عرَّضوا أنفسهم للتهمة، وعرّضوا الناس للوقوع في أعراضهم، وأشدّ من ذلك أنهم عرّضوا من يعتقد فيهم إلى الضلال باعتقاد ظواهر تلك الأقوال.

والذي يظهر أنّ كلّ أمرٍ من هذه الأمور يوجد عند طائفة منهم، وقد نشأ بعدهم ناس ليسوا على شيء من ذلك، وإنما اغترّوا بكلام مَن سَبَقهم، فأخذوا يقلّدونه ويمثّلونه ليحرزوا لأنفسهم مثل منازل أولئك في قلوب الناس، ويجتلبوا بها الشهرة والحطام، وهذا فاشٍ في كل جهة.

وإذا طالعتَ كتاب الشَّعْراني الذي سماه «تنبيه المغترّين» علمت كثرةَ هؤلاء المقلدين المتشبّهين في زمانه وقبل زمانه.

والذي ندين الله تعالى به حُسْن الظن بأشخاصهم أنهم لا يعتقدون ما تدلّ عليه مقالاتهم، وإنما قالوها لغرضٍ من الأغراض التي ظنوها حَسَنة، أو كُذِبت عليهم أو غير ذلك.

ولا يمنعنا ذلك من انتقاد كلامهم، وإنكار المنكر منه، والتصريح بما تقتضيه الحال، مِن أنّ اعتقاد المعنى الظاهر منه كفر أو فسق أو خطأ أو جهل، أو سوء أدب، بحسب رُتْبَته في ذلك.

فهذا دين الله تعالى الذي لا سلامة إلا فيه، وننصح لجميع المسلمين بأن يعرضوا عن تلك الكتب والمؤلفات في أخبارهم وأحوالهم.


(١) عجز بيت لطرفة بن العبد. «ديوانه» (ص ١٨٠). وصدره:
*أبا منذرٍ أفنيتَ فاستبقِ بعضنا*