[١٩٠] وهذا التفسير هو الذي يؤيده حديث «الصحيحين»(١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا أوى أحدُكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخِلَةِ إزاره فإنه لا يدري ما خَلَفَه علىه، ثم يقول: باسمك ربي وضعتُ جنبي وبكَ أرفعُه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين».
واستشْكِل هذا بأنّ الناعس لا يجد الألم الذي يجده المحتضِر، وأن النائم يبقى فيه النَّفَسُ والدمُ والحركة، وإذا حُرِّك أو سمع صوتًا انتبه، إلى غير ذلك.
وأقرب الأجوبة من هذا: أن للروح بالجسد تعلُّقَين:
الأول: تعلّقها به في اليقظة، وهو بوجودها فيه.
الثاني: تعلّقها به عند النوم، وهو بقاء اتصالها به بآثار وأشعّة تتصل به منها، فبهذه الأشعة تبقى الحياة في الجسد، ثم إذا أراد الله تعالى إرسالها ردّها إلى جسدها فاستيقظ. وإذا أراد إمساكها أبْطَل تلك الصِّلة التي بينها وبين الجسد فمات. والألمُ الذي ينال المريض عند النَّزْع إنما هو لنزع الروح بجميع آثارها.
وزعم بعضُهم أن الله تعالى جعل السبب في ذلك صلاح الجسد، فما دام الجسدُ صالحًا فهو لا يزال منتفعًا بالروح، إن حلَّت فيه حصل له الحياة واليقظة، وإن فارقته حصلت له الحياة بما يتصل به من أشعتها. فإذا أراد الله تعالى موت أحدٍ أفسد الجسدَ عن قبول الانتفاع بالروح، وإذا شرع الجسد في الفساد نشأ من ذلك المرضُ والنزاع، فإذا تمّ فسادُه فارقَتْه الروحُ ولايزال