للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: قد بينها - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «فإنها تذكّر الموتَ» وهو معنى القول الآخر: «فإنها تزهّد في الدنيا وتذكّر الآخرة».

الثالث: في النساء هل يزرن القبور؟

أقول: ظاهر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فزوروها» شموله للذكور والإناث، كما هو شأن الخطابات الشرعية، وفي «صحيح مسلم» (١) عن عائشة قالت: كيف أقول يا رسول الله؟ ــ تعني في زيارة القبور ــ قال: «قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون».

[ص ٣] وفي «الصحيحين» (٢) عن أنسٍ قال: مرّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: «اتقي الله واصبري». قالت: إليكَ عني، فإنك لم تُصَب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأتت بابَ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فلم تجد عنده بوّابين فقالت: لم أعرفك. فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى».

فأنكر عليها رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم الجزعَ والحزن، ولم ينكر عليها الخروجَ إلى القبر. فهذه الأحاديث تدلّ على الجواز.

لكن ورد ما ظاهره يخالف ذلك، قال في «المشكاة» (٣): وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لَعَن زوّارات القبور. رواه


(١) (٩٧٤).
(٢) البخاري (١٢٨٣)، ومسلم (٩٢٦).
(٣) (١/ ٣٩٨).