للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القسم الثاني من الغيب]

[٢٠٤] وأما القسم الثاني من الغيب، وهو ما يكون غيبًا بالنسبة إلى بعض الخلق دون بعضهم، فهو ثلاثة أنواع:

الأول: ما يختصّ بمشاهدته الملائكة، كما فوق السموات، فهذا يلتحق بالقسم الأول. ومِن هذا أحوال الموتى، كما يدلّ عليه حديث «الصحيحين» (١) في عذاب القبر، وفيه في ذِكْر الكافر: «فيصيح صيحةً يسمعها من يليه غير الثقلين».

النوع الثاني: ما يختص بمشاهدته الجن، أي دون الإنس، وهذا يمكن الإنس الإطلاع عليه بإخبار الجن، كما سيأتي تفصيله.

الثالث: ما يشاهده البشر، وهذا بالنسبة إلى من أدركه منهم ببعض الإدراكات المشتركة بين البشر مشاهَدٌ لا غيب، وبالنسبة إلى مَن لا يدركه غيب، فيكون الشيء الواحد غيبًا غير غيب، أي غيبًا بالنسبة إلى بعض البشر غير غيب بالنسبة إلى غيره، بل قد يكون الشيءُ غيبًا غير غيبٍ مع اتحاد الشخص، ولكن باعتبارين، بأن يكون غير غيب بالنسبة إلى إدراكه ببعض الحواسّ، غيبًا بالنسبة إلى إدراكه بحاسّةٍ أخرى، وذلك كالأعمى ونحوه يلمس بعض الأشياء، فإنه غير غيبٍ بالنسبة إلى لمسه، وغيبًا (٢) بالنسبة إلى بصره.

وهذا النوع إذا كان غيبًا فإن البشر يستدلّون عليه بأمور منها ما يحصّل


(١) البخاري (١٣٣٨)، ومسلم (٢٨٧٠) مختصرًا من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) كذا، والوجه «وغيبٌ».