للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٥] ومن المخالف الموجود من أول الإسلام: شرب الخمر، ودعوى الجاهلية، والنياحة. فهذا وإن كان محظورًا كما لا يخفى فلا يُسمَّى بدعةً. نعمْ، إحداثُ نوعٍ منه لم يُعهَد قبلُ يُسمَّى بدعةً، ومن ذلك ما اعتاده رجال الشيعة ونساؤهم من النوح على الحسين بن علي عليهما السلام يومَ عاشوراءَ ولَطْم الخدود وشَقِّ الجيوب، بل هو أشدُّ وأشنع، لأن النياحة في الجاهلية كانت خاصةً بالنساء الضعيفات العقول والقلوب، وبالوقت القريب من الموت، ومع هذا ورد من الزجر عنها ما هو معلوم، فما بالك بنَوح الرجال ........................... (١).

ومن المخالف المبتدع غلوُّ بعض الفِرق بالخوض في آيات الصفات إلى صريح التشبيه، حتى قال بعضهم (٢): أعفُوني عن الفرج واللحية، وسَلُوني عما شئتم. وأمثال ذلك. وقد شنَّع الله تعالى على الكفَّارِ في تخرُّصِهم على الملائكة، قال تعالى: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: ١٩]. فكيف بمن ليس كمثله شيء؟ وأما ما ورد من آيات الصفات وأحاديثها فالذي يُفهَم منها هو أن لله جلَّ ذكرُه مطلقَ يدٍ ووجهٍ ونحو ذلك مما ورد، أما أن يدلَّ على ماهية (٣) أو كيفية ونحوها فلا، بل لو قيل: إن مَلَكًا من الملائكة له رأس لما فُهِم منه إلَّا أن له رأسًا فحسبُ، فأما


(١) هنا بعض الكلمات ذهبت في التجليد.
(٢) هو داود الجواربي من مشبهة الروافض، كما في "الفرق بين الفِرق" (ص ٢٢٨) و"المِلل والنِحل" (ص ١٠٥، ١٨٧).
(٣) لا يقصد الشيخ بالماهية الحقيقة، فهي ثابتة، بل يقصد التحديد والكمية والكيفية، فهي منفية. وسيأتي التصريح بذلك فيما يأتي.