للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وهذا ــ والحمد لله ــ هو الذي ظهر لي. ويؤيِّده أنه ورد في بعض الروايات: «من خمسة وأربعين» (١)، وفي أخرى: «من سبعين جزءًا» (٢).

ونَقَل (٣) عن الحافظ ابن حجر أنه قال: إن كون الرؤيا الصالحة جزءًا من كذا من النبوّة= إنما هو باعتبار صِدْقها لا غير، وإلّا لساغ لصاحبها أن يسمّى نبيًّا، وليس كذلك.

أقول: بتأمل ما تقدم يظهر أن المراد بالأجزاء: العلوم، لأن النبوّة [من] (٤) حيث هي لا تتجزَّأ، [فلا] يقال: [بُعِث نبيّ وربع] ... ، فالأجزاء عبارة عن العلوم لا غير، والمعنى: أن الرؤيا عِلْمٌ من جُملة علوم النبوة. والله أعلم.

[١٨٦] ثم اعْلَم أن الرؤيا تنقسم ــ كما قال ابن سيرين ــ إلى أقسام: حديث النفس، وتخويف الشيطان، وبُشرى من الله تعالى (٥).

وهذا الذي قاله ابنُ سيرين حقّ. أما حديث النفس، فلأننا نجد من أنفسنا كثيرًا أنّنا نكون في بعض الأيام نتكلّم في شيء أو نتفكّر أو نهتمّ في


(١) في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في «صحيح مسلم» (٢٢٦٣).
(٢) في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في «صحيح مسلم» (٢٢٦٥).
(٣) يعني الآلوسي في «روح المعاني». وكلام الحافظ في «فتح الباري»: (١/ ٢٠).
(٤) ما بين المعكوفات في هذه الفقرة تقدير لكلمات في طرف الورقة لم تظهر بتمامها وبقيت بعض آثارها.
(٥) هذا التقسيم لأنواع الرؤيا مذكور في حديث أبي هريرة في البخاري (٧٠١٧)، ومسلم (٢٢٦٣)، وقد اختلف في رفعه ووقفه، ورجَّح البخاري الوقف. وقائلها هو أبو هريرة رضي الله عنه نقلها عنه محمد بن سيرين. وانظر «فتح الباري»: (١٢/ ٤٠٧).