للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسألني أن أقدِّر حيثية مؤلفها، لأن كثيرًا من المنتسبين إلى العلم يُجهِّلونه ويُبدِّعونه، ثم أُبدِي ما أراه من انتقاد في كلامه [لكونه أذن في ذلك] (١)، ثم أتكلم على تلك المسائل بما أدينُ الله تعالى به بقدر وُسْعي. وبعدَ مطالعتي للرسالة أجبتُ عن السؤال الأول: أن هذه الرسالة على صِغَرها تُمثِّل مؤلفَها بمكانٍ من العلم [الصحيح والفضل الحقيقي] والدين [الراسخ] والفهم السديد في الكتاب والسنة، [وأنه من البقية المذكورة في قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ} (٢) [هود: ١١٦]، والطائفة المذكورة في قوله عليه الصلاة والسلام] (٣). لا يُنكِر هذا كلُّ مَن يفهم كلامه إلا مَن كان ناظرًا من وراء حجاب الهوى والتقليد.

وأما السؤال الثاني فلم يظهر لي في تلك الرسالة ما يجب التنبيه عليه سِوى قوله في (ص ٤٣) بعد ذكر الأحاديث الواردة في النهي عن الجلوس على القبور ما لفظه: "والجلوس المنهيُّ عنه على ما يظهر هو الجلوس عليها للتبرك والاستشفاع أو للعبادة والدعاء، وأما الجلوس على القبر بغير قراءةٍ ولا نيةِ تبرُّك ولا لعبادةٍ، بل للاستراحة ريثَما يُدفَن الميتُ أو تُقضَى الحاجة، أو لوعظِ الحاضرين= فلا بأس [به] ... " إلخ.

[ص ٢] وهذا يقتضي أن ظاهر تلك الأحاديث النهي عن الجلوس عند القبور، وفي ذلك نظرٌ، بل ظاهرها هو النهي عن القعود على القبر نفسه، لأنه


(١) من المسوّدة، وكذا ما يأتي بين المعكوفتين.
(٢) في المسودة: "ولتكن منكم بقية".
(٣) "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ... " الذي أخرجه مسلم (١٩٢٠) من حديث ثوبان وغيره.