للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* [ص ١٥] تتمّة:

لو قال قائل: ما الجمع بين هذه الأدلة ولاسيَّما حديث «الصحيحين» (١) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» قالت: ولولا ذلك لأُبْرِز قبره غير أنه خشي أن يكون مسجدًا. وبين ما فعله الصحابة رضي الله عنهم في المسجد؟

فالجواب: أن الصحابة رضي الله عنهم لم يُدْخِلوا القبرَ في المسجد، وإنما لمَّا احتاجَ الناسُ إلى توسعة المسجد اضطرّوا إلى إدخال الحجرة، غير أنهم احتاطوا بجعل القبر بعُزْلةٍ عن المسجد. ولم يكن المسجد ولا البناء لأجل القبر (٢).

فإن قلتَ: فإنه قد بُني على القبر بعد ذلك.

قلت: قد علمتَ أنه لا حُجّة إلا في كتاب الله تعالى وسنة رسوله، ومجرّد وقوع البناء على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يُعدّ دليلًا، كما أنه لو دخل إنسانٌ الكعبة أو أقام عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال كلمةً أو عَمِل عملًا= لم يكن ذلك دليلًا على جوازه. وقد كانت الأصنام والأوثان (٣)


(١) البخاري (١٣٣٠)، ومسلم (٥٢٩).
(٢) والذي أدخل القبر في بناء المسجد إنما هو الوليد بن عبد الملك، وقد أنكر عليه بعض السلف كسعيد بن المسيب. انظر «مجموع الفتاوى»: (٢٧/ ٤١٨).
(٣) لم يظهر منها إلا: «والأ».