للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثالثها: سؤاله بجاه بعض خلقه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية (١): «وأما القسم الثالث وهو أن يقول: اللهم بجاه فلان عندك أو ببركة فلان أو بحرمة فلان عندك= افعل بي كذا وكذا. فهذا يفعله كثير من الناس، لكن لم يُنقل عن أحد من الصحابة والتابعين وسلف الأمة أنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء، ولم يبلغني عن أحد من العلماء في ذلك ما أحكيه؛ إلا ما رأيت في فتاوى الفقيه أبي محمد بن عبد السلام (٢). فإنه أفتى أنه لا يجوز لأحد أن يفعل ذلك إلا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إن صحّ الحديث في النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

ومعنى الاستفتاء: قد روى النسائي والترمذي (٣) وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَلَّم بعض أصحابه أن يدعو فيقول: «اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة. يا محمد، يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي. اللهم: فشفِّعْه فيَّ».


(١) «مجموع الفتاوى»: (٢٧/ ٨٣ - ٨٥).
(٢) انظر «فتاوى العز بن عبد السلام» (ص ٨٣). وقد بيَّن شيخ الإسلام في جواب له عن كلام العزّ هذا فقال: «وأما استثناؤه الرسولَ ــ إن صحّ حديث الأعمى ــ فهو رحمه الله لم يستحضر الحديث بسياقه حتى يتبين له أنه لا يناقض ما أفتى به، بل ظنَّ أنه يدل على محل السؤال، فاستثناه بتقدير صحته ... ». «جامع المسائل» (٥/ ٩٧).
(٣) النسائي في «الكبرى» (١٠٤١٩)، والترمذي (٣٥٧٨)، وأخرجه ابن ماجه (١٣٨٥)، وأحمد (١٧٢٤٠)، وابن خزيمة (١٢١٩)، والحاكم: (١/ ٣١٣)، والبيهقي في «دلائل النبوة»: (٦/ ١٦٦).