الذهنِ الراجح، ولكن يكون باطلًا لمعارضته للقواطع التي قصَّر الشخص عن البحث عنها، مع كونه في أصول الدين التي لا يفيد فيها الظنُّ، على ما مرَّ.
وتفصيلًا بأن يقال:
أما الآية الأولى ــ وهي قوله تعالى:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ} ــ فإنه من المشاهَد أن أكثر الديانات التي على وجه الأرض ما عدا الإسلام كلّها مبنيةٌ على أوهام وخرافات لا يُتصوَّر أن تترجَّح في ذهن عاقل، ولذلك فسَّره تعالى بالخرص.
وأما الآية الثانية ــ وهي قوله تعالى:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} ــ فالقوم حاولوا أن يغالطوا بذلك مدَّعين أن الله تعالى راضٍ باتخاذهم شفعاءَ، يشفعون لهم إليه، ويُقرِّبونهم إليه زُلفى، كما حكى تعالى عنهم في الآية الأخرى:{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}[الأعراف: ٢٨]، وهذه دعوى باطلة، لقيام القواطع على إبطالها، وكفَى بدعوة الرسول المؤيَّد بالمعجزات. ولذلك قال تعالى:{وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ}.
[ص ١٤] ويُوضِّح ذلك أن الله تعالى حكى عنهم في سورة الزخرف قولهم، كما أخبر في هذه الآية أنهم سيقولونه، فقال:{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}، قال تعالى: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا