للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جلّ ذكره: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

ثم توفي رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - وكان أصحابه رضي الله عنهم إذا نزلت بأحدهم النازلة فإن كان عنده فيها شيء من الكتاب أو السنة واضح الدلالة قال به، وإلّا سأل من تيسَّر من بقية الصحابة، فإن وجد عند أحدهم ذلك قال به، وإلّا اجتهدوا في ذلك وعملوا بما ترجَّح لهم، وقد يتفق اجتهادهم وقد يختلف بحسب اختلاف الأنظار. وقد يعمل أحدهم بما يظهر له زمانًا ثم يبلغه أو يتبيَّن له ما يخالف ذلك فيرجع إليه.

وكان صغار الصحابة والتابعون على قسمين:

منهم مَن تكلَّم وتلقَّى كثيرًا من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، فإذا نزلت به نازلة نظر فيما عنده من الكتاب والسنة، فإن رأى فيه دليلًا في نازلته عمل به، وإلّا سأل من وجده من كبار الصحابة وغيرهم، فإن وجد فذاك، وإلا اجتهد.

[ومنهم] من لم يتفق له ذلك، كالأعراب ونحوهم، فكان شأن هؤلاء إذا نزلت بأحدهم النازلةُ ذهب إلى من يجده من علماء الصحابة والتابعين، فذكر له نازلته، فيذكر له المسؤول آية من كتاب الله تعالى أو حديثًا عن رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - يبيّن الحكم في نازلته، فيذهب السائل فيعمل بذلك ويرويه لغيره.

وكان التابعون وتابعوهم غالبًا على العربية الخالصة، حاصلةً لهم مقاصدُ جميع العلوم المتعلقة بها من لغة ونحو وتصريف ومعانٍ وبيان، بل غالب مقاصد علم أصول الفقه، فكان الأعرابي إذا سأل العالمَ، فتلا عليه آية