للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٧٨] قال المجيزون: أما بعد هذا فلا طاقة لنا بجدالكم، ولكنّا نكتفي بما هو مثبت في دواوين الإسلام من المؤلفات التي لا تُحصى، بل وبإجماع المسلمين على النداء والاستغاثة بالأنبياء والصالحين، حتى إن الظاهر أن ذلك أمر فَطَرهم الله تعالى عليه، وإنكم وإن أتعبتم أنفسكم ولجَجْتُم في الخطاب فلن تقدروا على تغيير ذلك ولا تبديله، {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: ٣٢]. وإنما نسألكم عن أمر واحد وهو أن المسلمين في هذا الأمر فِرَق:

الفريق الأول: مَن يُثبت للأنبياء والصالحين الكشف الصادق في السموات والأرض، ويثبت لهم التصرّف فيما بين ذلك مُسْنِدًا ذلك إلى الإذن الربّاني.

الفريق الثاني: مَن لا يثبت لهم ذلك وإنما يقول: إن الله تعالى يبلغهم ويجيب دعاءهم.

الفريق الثالث: مَن لا يقول بهذا ولا بهذا، ولكنه يثبت التوسّل، ويجعل الطلب منهم والاستغاثة بهم حاضرين في معنى طلب الدعاء، ويجعل خطابهم عند قبورهم بناء على أنهم يسمعون الكلام، كما ثبت ذلك في أحاديث صحيحة، وأنهم قادرون على الدعاء وإن كانوا موتى، كما ثبت من وقوع العبادات من بعض الموتى. ويجعل نداءهم والطلب منهم والاستغاثة بهم غائبين في معنى التوسّل.

وليس من هذه الفِرَق من يدّعي لمخلوقٍ الاستقلال بالقدرة من دون الله تعالى، ولا مشاركته في القدرة، وإنما يقولون: إن الله سبحانه وتعالى يُسْمِع مَن يكرمه من خلقه ما غاب عنه من المسموعات، ويُطْلِعُه على ما غاب من