للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهَبُوا أنكم جرّبتم أنّ الدعاء عند القبور أقرب إجابة، فإنّ هذا ليس دليلًا شرعيًّا كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى (١)، وليس الدليلُ إلّا ما ثبت من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، إجماعًا واتفاقًا بين جميع العلماء بلا خلافٍ في ذلك أصلًا.

وأمّا اعتقادُكم أنّ الصالحين أحياء، بحيث يرون زائرهم ويسمعونه ويقدرون على إعانته إلى آخره، فسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق هذا في مبحث مستقلّ (٢) بما لا تبقى معه شبهة، وحسبكم لو عَقَلْتم حديث عائشة السابق في قولها: وارأساه (٣).

[ص ١٢] هذا، في زيارة من ثبت صلاحُه بالظواهر الشرعية، ولم يكن قبره على الكيفية المنهيّ عنها، ولم يُتَّخذ قبره عيدًا، ولم يكن عند قبره شيءٌ من المنكرات، ولم يقصد من الزيارة التبرُّك بالقبر والتمسُّح ونحوه، والدعاء والاستغاثة ونحو ذلك. فأما في غير ذلك فلا يمكن لعاقل أن ينكر حرمته مطلقًا.

وممن لم يثبت صلاحُه مَن ثبت عنه أنه كان يدّعي علم الغيب أو نحوه لتكذيبه للقرآن.

وكون القبر على كيفية منهيٍّ عنها يُعْلَم مما سبق.

واتخاذُ القبر عيدًا منه ما اعتِيدَ في هذه الأزمان من الاجتماع عند قبر


(١) (ص ٤١٥ - ٤٢٠).
(٢) لم يأت بحث مستقل في هذا، وانظر إجابة جُمليّة عنه في (ص ٤٢٢).
(٣) تقدم (ص ٢١٨).