للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حازم، ومطرِّف و [ابن] كنانة، لم يُقلِّدوا شيخهم مالكًا في كل ما قال، بل خالفوه في مواضع، واختاروا غيرَ قوله. وكذلك الأمر في زفر، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، والحسن بن زياد، وبكار بن قتيبة، والطحاوي. وكذلك القول في المزني، وأبي عُبيد بن حَرْبويه، وابن خزيمة، وابن سُرَيج، فإن كلًّا منهم خالفَ إمامَه في أشياء، واختار فيها غير قولِه. ومِن آخر مَن أدركنا على ذلك شيخنا أبو عمر (١) الطلمنكي، فما كان يقلِّد أحدًا، وذهب إلى قول الشافعي في بعض المسائل. إلى كثيرٍ من سلفٍ وخلفٍ لو ذكرتهم لطال الخَطْب (٢) بذكرهم.

ثم أنشد لنفسه قصيدةً في الاجتهاد، وقال في آخرها:

واهْرُبْ من التقليد فهو ضلالةٌ ... إنَّ المقلِّد في السبيلِ الهالك

إلخ.

[ص ١٦٧] فصل

* قال المانعون: وهَبْ أنه لا فرقَ بين أن يجيب المجتهد سائلَه بتلاوة الآية أو رواية الحديث، وأن يُجيبه بذكر الحكم مجردًا عن الدليل، فإنكم لم تقفوا عند هذا، بل جاوزتموه إلى ما هو أبعدُ، وهو تقليد الميت، وقد نقل الغزالي في "المنخول" (٣) إجماعَ أهل الأصول على عدم جواز تقليد


(١) في الأصل: "أبا عمر".
(٢) في الأصل: "الخطاب". والتصويب من رسالة السيوطي.
(٣) (ص ٤٨٠).