للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البحث الخامس

التوسُّل

قال في «المختار» (١): «الوسيلة: ما يُتقرّب به إلى الغير، والجمع الوسيل والوسائل، والتوسّل والتوسيل واحد، يقال: وسَّل فلان إلى ربه وسيلةً بالتشديد، وتوسّل إليه الوسيلة إذا تقرّب إليه بعمل».

ومِن هنا نعلم أنه لا دلالة في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: ٣٥] إلا على الأمر بابتغاء ما يتقرّب به إلى الله، وهو أمر مجمل لا يؤخذ بيانه إلا من الشرع، فمن ادّعى في شيءٍ من الأشياء أنه يتقرّب به إلى الله تعالى كُلِّف بإبراز حجّةٍ من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله.

وعليه فأقول: التقرّب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل، واجتناب الحرام والمكروه مما لا يحتاج إلى بيان. وأما التقرُّب إليه بسؤاله والإقسام عليه بحق شيءٍ من الأشياء ــ وهو الذي تفهمه العامة من التوسّل ــ فهو على أقسام:

أولها: سؤال الله تعالى بوجهه الكريم وأسمائه الحسنى. وهذا مستحبٌّ اتفاقًا.

وثانيها: سؤاله بذات من ذوات خلقه، كالكعبة والعرش والكرسي، ولم أر التصريح بجوازه عن أحد (٢).


(١) «مختار الصحاح» (ص ٧٢١).
(٢) كتب المؤلف أولًا: «وهذا ممنوع اتفاقًا» ثم أبدلها بهذه العبارة. وقد صرّح جماعة من العلماء بالمنع منه. انظر «مجموع الفتاوى»: (١/ ٢٠٢، ٣٤٤)، و «الاقتضاء»: (٢/ ٣٠٧ - ٣٠٨).