للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الكلام في حجية الإلهام وهل هو من الإظهار على الغيب؟]

[٢٠٩] وقد ذكر الشوكاني في «إرشاد الفحول» (١) دعوى بعض المتصوّفة حجيَّةَ الإلهام، قال: «واحتجَّ بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: ٢٩] أي: ما تفرّقون به بين الحق والباطل، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] أي: عن كل ما يلتبس على غيره وجهُ الحكم فيه. وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٢]. فهذه العلوم الدينية تحصُلُ للعباد إذا زَكَت أنفسُهم، وسلمت قلوبهم لله تعالى، بترك المنهيّات وامتثال المأمورات؛ وخبرُهُ (٢) صدق ووعده حق.

واحتجَّ شهابُ الدين السُّهْرَوَرْدي على الإلهام بقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: ٧]، وبقوله: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: ٦٨]. فهذا الوحي هو مجرّد الإلهام.

ثم إن من الوحي (٣) علومًا تحدث في النفوس الزكيَّة المطمئنَّة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إن مِن أُمتّي المحدَّثين والمكلَّمين، وإن عمر لمنهم» (٤). وقال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}


(١) (٢/ ١٠١٦ - ١٠٢٠ - ت الأثري).
(٢) في الطبعة الجديدة: «إذ خبره ... ».
(٣) كذا في الأصل تبعًا للطبعة القديمة، وفي الجديدة: «الإلهام».
(٤) لم أجده بهذا اللفظ، ومصدر الشوكاني «البحر المحيط» للزركشي: (٦/ ١٠٤). وهو بمعناه في الصحيح كما سيأتي.