للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٦] فصل

في زيارة قبور الأنبياء والصالحين

قد علمتَ أن الأدلة الواردة في مشروعية زيارة القبور عامةٌ في قبور الأنبياء والصالحين وسائر المسلمين، وإنما النزاعُ في شيئين:

الأول: في شدّ الرحال.

الثاني: الغرض المقصود من الزيارة.

وعند التحقيق ينحصر النزاع في هذا الأخير، كما ستراه إن شاء الله تعالى.

فأما شدّ الرحال، فإنّ من العلماء مَن مَنَعه لحديث «الصحيحين» (١) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تُشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا».

فقال قومٌ: هو نفيٌ، والمراد به النهي، وهو عامّ في كلّ شيءٍ. أي: لا تَشدّوا الرحال إلى شيءٍ من الأشياء إلّا إلى ثلاثة مساجد. ثم ما وَرَد فيه دليلٌ خاصّ في إباحةِ أو نَدْبِ أو وجوبِ شدِّ الرحال إليه غير ما ذُكِر فهو مخصَّصٌ من هذا العموم. وذلك كطلب الرزق، والتفكّر في آيات الآفاق، وزيارة ذوي الأرحام، وطلب العلم، والجهاد، وغير ذلك. فيبقى زيارة القبور داخلًا تحت ذلك العموم.


(١) البخاري (١٨٦٤، ١٩٩٥)، ومسلم (٨٢٧).