للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اختلف الأئمة في أشياء كثيرة عدَّها بعضهم رِدّة كالسِّحر وغيره، ولم يطعن فيه مَن خالفَه حيث كان مجتهدًا مستندًا إلى الدليل، وقد رمى عمرُ رضي الله عنه حاطب بن أبي بلتعة بالنفاق، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، بل نبَّهه على خطأه فقط، ومثل هذا كثير في الصحابة.

وقد قال لي قائل: إن هؤلاء الوهابية كفّار، فقلتُ له: لماذا؟ فقال: لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من كفّر مسلمًا فقد كفر» (١).

[ص ٩٤] فقلت له: فإن الوهابية لا يكفِّرون أحدًا من المسلمين.

قال: كيف وهم يكفّرون مَن قال: يا ستّنا خديجة، ويا ... ويا ... ؟

فقلت له: إن هذا عندهم كافر لا مسلم، فلم يصدق عليهم الحديث، لأن الحديث يقول: «من كفر مسلمًا» وهم يقولون: إنما كفّرنا كافرًا.

فقال: لكن العبرة بالقول الصحيح لا بما في زعمهم.

فقلت: فإنهم يعتقدون أن القولَ الصحيح هو الذي قالوه. وما ترى لو أن رجلًا مرَّ بك فظننته يهوديًا فناديته: يا يهودي، أليس قد كفّرته؟ قال: بلى.

قلت: فإذا بان مسلمًا، هل يحق لنا أن نقول: إنك كافر؟ قال: لا، لأني إنما قلت له ذلك بناءً على ما وقع في ظني.

فقلت له: فإن الوهّابية على فرض خطئهم في التكفير يقولون مثلك، وعذرهم أبلغ من عذرك، وأدلتهم أقوى من مجرد ظنّك.

قال: فما هو معنى الحديث إذًا؟


(١) سيأتي بلفظه في الصفحة الآتية.