وتقى وعملٍ بدين الله الأعلى، واتباعٍ لسنة نبيّه المصطفى. وجاء بعدهم مَن علمتَ.
[١١٩] ومع هذا فإننا لا ننفي أن تكون لبعض الصالحين في حال حياتهم كرامات، وإن كثرت بعد القرون الأولى، بخلاف عهد الصحابة وما بعده؛ فإنه قد يُقال: لما كانت كرامات الأولياء تفارق معجزات الأنبياء من حيث إن المعجزات لا تشتبه بالباطل من السِّحْر وغيره بخلاف الكرامات= كانت المصلحة أن لا توجد الكرامات في الصحابة ومَن بعدهم بكثرة، إذ لو وُجدت فيهم بكثرة، وهي مشابهة لما يجري على أيدي السَّحَرة لقالت الأمم: إنْ هؤلاء إلا سَحَرة تعلّموا السحرَ مِن صاحبهم، وإذًا لارتاب المبطلون، ولكن لما رأت الأممُ الصحابةَ مِن أبعد الناس عن السِّحْر وما يُشاكله ويشابهه= علموا أن هذا الدين دين حقٍّ لا ريب فيه.
ولكني مع هذا لا أقول: إن كل ما يدّعيه القصاصون صحيح، كيف وأكثرها حكايات منقطعة عن مجاهيل لا يُدرَى ما حالهم؟ ومنها ما هو محال لا يمكن وقوعُه بحال، وإنما هو من وَضْع بعض أهل الضلال أو المغفّلين الجُهَّال، ومنها ما لم يقع وحكايته كذب محض، ومنها ما هو سِحْر وشعوذة، ومنها ما هو صحيح.
وعلى كل حال فإنه لا يتعلق به حكم من أحكام الإسلام غير حُسْن الظن أو سوئه. وهذا ينبغي وزنُه بميزان الاعتدال، فإن كان الشخصُ ملازمًا للطاعات، عاملًا بالكتاب والسنة، مُعظِّمًا لهما، وذلك أن الأحكام الشرعية ليس لها طريق إلا كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بما يدلّان عليه دلالةً معتبرة، من جنس ما كان يستدلّ به الرسولُ صلى الله عليه