لا دليل عليه، وإن كان البناء في المقابر المسبّلة أشدُ حُرْمة؛ لكونه حرامًا من جهتين:
الأولى: كونه بناء على قبر.
والثانية: كونه استيلاء على حق الغير بلا إذن.
بقي أن يُقال: إنك قلت في أول هذه الرسالة في بحث الجلوس على القبر: إن حقيقة الجلوس على القبر هو الجلوس عليه نفسه، لا الجلوس عنده، فهلَّا تقول هنا كذلك، فيكون البناء المنهيّ عنه هو ما كان على القبر نفسه، بأن يُجعَل أساسًا لدار أو نحوها، فيكون منهيًّا عنه لانتهاك حرمته؟
قلت: إن البناء على القبر بهذا المعنى لا يمكن إلا بعد نبشه، إذ لابدّ لوضع الأساس من حفر الأرض لئلّا ينهار البناء. وهذا المعنى بعيد عن منطوق الحديث؛ إذ لو كان هو المراد لقال: أن يُنبش القبر ويُبنى مكانه، فتعيَّن أن يكون المراد بالبناء عليه: البناء على جوانبه، وهذا صريح في حديث أبي الهيَّاج.