للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالتعليم في هذه الآية هو بمعنى الفرقان والمخرج في الأوليين، والله أعلم.

[٢١٢] والحاصل أن الإلهام ليس إلا عبارة عن خاطرة من جنس هذه الخواطر التي تعرض لكلِّ إنسان، والخواطر تتنوّع إلى حديث النفس وإلى ما يكون بمجرَّد خلق الله تعالى، وإلى ما يكون بحديث الملك، ويزيد غيرُ الأنبياء بوسوسة الشياطين.

وحديثُ النفس قد يكون حقًّا وقد يكون باطلًا. وما كان بمجرَّد خلق الله تعالى قد يكون للهداية، وقد يكون للابتلاء، ونحوه ما يكون بتحديث الملك. وما يكون من الشيطان لا يكون إلا باطلًا، إلا أنه ربما وسوس بالأمر من الحق يتوصّل به إلى باطل أشدّ.

وحينئذٍ فنقول لمدّعي حجية الإلهام: بأيّ طريقٍ عرفتَ أنه حقّ؟

فإن قال: بإلهامٍ آخر.

قلنا له: والإلهام الآخر يحتمل ما احتمل الأول، وبتطرّق الاحتمال إلى الثاني يتطرّق الاحتمال إلى الأوّل.

وإن قال: لكون صاحب الخاطر متَيَقّنًا.

قلنا له: هل هو معصوم؟

قال: لا.

قلنا: فكيف قلتَ ما قلتَ؟

فإن قال: الغالب على المتَّقي خواطر الحقّ بدليل تلك الآيات المتقدّمة، وحديث التحديث.