للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظن وغير ذلك. وإلقائهم للإنس على قسمين: فمن كان متصلًا بهم شافهوه مشافهةً، ومَن لم يكن كذلك وسوسوا بها في نفسه.

وربما وَسْوَس الشيطان في نفس الإنسان بشيءٍ ثم ذهب إلى إنسان آخر فوسوس بذلك الشيء عينه، ومن هنا يقع كثيرًا أنه إذا تثاءب شخص تثاءب من بجنبه، وذلك أن التثاؤب من الشيطان كما في الحديث (١).

وربما وسوس الشيطان في صدر إنسان ثم أخبر وليّه ــ أو (٢) وسوس في نفسه ــ أن ذلك الإنسان يقول في نفسه كذا وكذا ــ ذلك الآخر الذي وسوس له به ــ فيقول الوليّ لذلك الإنسان: إنك تقول في نفسك كذا وكذا!

وربما تناولت الشياطين الإخبار، وقس على هذا.

وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه خَطَر في نفسه بعض الأيام أن يتزوّج بعضَ النساء، فلم يكلِّم بذلك أحدًا، ثم خرج إلى السوق، فإذا الخبر شائع بين الناس: أن أمير المؤمنين يريد أن يتزوج فلانة، فقال: هذا الخنّاس (٣).

وبهذه المناسبة أقول: إنه قد تقع لي بعضُ الخواطر فتصدُق وأنا أزِنها بميزان الشرع، فما كان ظاهره الخير رجوتُ أن يكون من المَلك، وما كان ظاهره الشرُّ خشيتُ أن يكون من الشيطان.


(١) أخرجه البخاري (٣٢٨٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) تحتمل: «أي».
(٣) لم أعثر عليه.