للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الموت] والآخرة. فإذا وصل الإنسانُ سلَّم على أهلها ودعا لهم ولنفسه وللمؤمنين كما ورد.

أما قولكم: «إن من المقاصد الشرعية تذكُّر سيرة الأخيار». فهذا يحصل تمامَ الحصول بقراءة القرآن، فإنه [خُلُق] (١) إمام الأخيار صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد في «الصحيح» عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها (٢)، أو قراءة شيء من كتب السنن الصحيحة. وتذكُّر سيرتِه صلى الله عليه وآله وسلم بقراءة القرآن أو مطالعة السنن يغني عن تذكّر سِيَر غيره ممن ليس بمعصوم، ولاسيَّما مع ما مُزِجت به سِيَر غيره من الصالحين من الكذب الذي يخالف كثيرًا من أحكام الشرع.

قال المجيزون: وفي زيارة قبر نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم فائدة أخرى، وهي أن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: ٦٤]، فعلَّق المغفرةَ على ثلاثة أمور: المجيء إليه صلى الله عليه وآله وسلم، والاستغفار، واستغفاره صلى الله عليه وآله وسلم. وعليه فإنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يستغفر لجميع أمته، ولكن استغفاره يحتاج إلى الأمرين الأخيرين، فإذا جاء أحدُنا قبرَه واستغفر الله تعالى تمَّت الأمور الثلاثة، فحصلت الرحمة وقبول التوبة. هكذا رأيتُ معنى هذا في


(١) مطموسة في الأصل فلعلها ما قدرته.
(٢) لعله أراد ما أخرجه مسلم (٧٤٦) من قول عائشة رضي الله عنها لما سألها سعد بن هشام عن خُلُق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: ألستَ تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قالت: فإن خُلُق نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن.