للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه عبد الله، حدثني عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا السكن بن إبراهيم، ثنا الأشعث بن سوَّار، عن ابن أشوع بن حنش الكناني عن علي رضي الله عنه بعث شرطته فقال له: أتدري على ما أبعثك؟ على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن أنحت كل ــ يعني صورة ــ، وأن أسوِّي كل قبر.

فإن قال قائل: لعل القبور التي كانت في المدينة حينئذٍ من قبور المشركين كما يدلّ عليه قوله: «ولا وثنًا إلا كسرته».

فالجواب: أنه لا شكّ أنه كان في المدينة حينئذٍ من قبور المشركين ولكن ليس في الحديث ما يدلّ على أنه لم يكن فيها من قبور المسلمين، بل الحديث عامّ في كل قبر، ولاسيّما وفي آخره ــ كما عند الإمام أحمد ــ: «من عاد فصنع شيئًا من ذلك فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم». وهذا عام في كل من اتخذ وثنًا أو صورة أو شرّف قبرًا.

ولو كان هذا الحكم من وجوب الهدم خاصًّا بقبور المشركين لبيَّن صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، والله أعلم، فلما أطلق فَهِمنا أنه على عمومه في كل قبر.

وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعث أبا الهيّاج لطمس الصور وهدم القبور، ولا يخفى أن القبور حينئذٍ كلّها أو جلّها قبور المسلمين، وعمَّم الأمر بقوله: «أن لا تدع قبرًا إلا سوّيته». وفي رواية للإمام أحمد ــ قد مرّت ــ: «أن أسوِّي كل قبر».

ومع هذا ففي «صحيح مسلم» (١) عن ثُمامة بن شُفي قال: كنّا مع


(١) (٩٦٨).