للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثبوته في الشرع بدليلٍ معتبر. فمَن اعتقد في شيءٍ ما أنه سبب لشيءٍ مما ذُكر؛ فإن كان ثابتًا في الشرع بدليل معتبر، فاعتقاده حق والعمل به هدى، وإن لم يكن ثابتًا في الشرع بدليل معتبر، فاعتقاده والعمل به ضلال مبين.

وأما المقاصد الدنيوية التي تتناولها قُدرة الخلق بالأسباب العادية إذا أُريد تحصيلها بها، فلا يفتقر اعتقاد كون شيء من الأشياء سببًا لها إلى ثبوته شرعًا، وإنما العمل بها يفتقر إلى الإذن الشرعي.

[ص ٢] إذا تقرّر ذلك فالتبرّك هو التسبُّبُ لحصول البركة، ولا يكون المقصود به إلا أحد الأمور الثلاثة التي بينّا أن سببها لا يكون إلا شرعيًّا، فهو إذن مفتقِرٌ إلى ثبوته من الشرع بدليل معتبر، فإن ثبت فاعتقاده حق والعمل به هُدى، وإن لم يثبت فاعتقاده والعمل به ضلال مبين.

فأقول: قد ثبت التبرك بأشياء منها:

* ماء زمزم، قال في «الهَدْي» (١): «ماء زمزم، سيّد المياه وأشرفها، وأجلّها قدرًا، وأحبها إلى النفوس، وأغلاها ثمنًا وأنفسها عند الناس، وهو هَزْمَة جبريل وسُقيا إسماعيل. وثبت في «الصحيح» (٢) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأبي ذر وقد أقام بين الكعبة وأستارها أربعين ما بين يوم وليلة، وليس له طعام غيره، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنها طعام طُعْم». وزاد غير مسلم بإسناده: «وشفاء سُقم» (٣).


(١) يعني «زاد المعاد في هدي خير العباد» لابن قيم الجوزية: (٤/ ٣٩٢ - ٣٩٣).
(٢) «صحيح مسلم» (٢٤٧٣). وفيه: « ... ثلاثين ما بين يوم وليلة». وما في الأصل تبع للهدي.
(٣) أخرجه الطيالسي (٤٥٩)، والبزار (٩/ ٣٦١)، والبيهقي: (٥/ ١٤٧) وغيرهم. وعزاه البيهقي لمسلم، وليست في المطبوع منه، ويؤيده كلام المصنف والحافظ في «المطالب العالية» (١٤٠٤).