للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: قال الشافعي (١): ولهذا أشباهٌ غيره في الأحاديث، وإنما وضعت هذه الجملة عليه لتدلَّ على أمورٍ غلِط فيها بعضُ من نظرَ في العلم، ليعلَمَ مَن علِمَه أن من متقدمي الصحبة وأهلِ الفضل والدين والأمانة من يعزُب عنه من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيء علِمَه غيرُه، ممن لعله لا يُقاربه في تقدُّم صحبته وعلمِه. ويعلَمَ أن علم خاصِّ السنن إنما هو علم خاصٌّ لمن فتح الله عز وجلَّ له علمه، لا أنه عام مشهورٌ شهرةَ الصلاةِ، وجُملِ الفرائض التي كُلِّفَتْها العامةُ، ولو كان مشهورًا شهرةَ جُملِ الفرائض ما كان الأمر فيما وصفتُ من هذا وأشباهه كما وصفتُ.

ويعلَمَ أن الحديث إذا رواه الثقاتُ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذلك ثبوته. وأن لا نعوِّل على حديثٍ ليثبتَ أنْ وافقه بعضُ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يُردّ لأنْ عَمِلَ بعضُ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عملًا خالفَه، لأنَّ لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين كلِّهم حاجةً إلى أمرِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعليهم اتباعُه، لا أن شيئًا من أقاويلهم تبِعَ ما رُوي عنه ووافقَه يزيد قولَه شدَّةً، ولا شيئًا من أقاويلهم يُوهِن ما روى عنه الثقة، [ص ٤١] لأن قوله المفروض اتباعُه عليهم وعلى الناس، وليس هكذا قول بشرٍ غيرِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الشافعي (٢): فإن قال قائل: أَتَّهمُ الحديث المروي عن رسول الله


(١) كتاب "الأم" (١٠/ ١٠٧).
(٢) كتاب "الأم" (١٠/ ١٠٧).