للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وآله وسلم إذا خالفَه بعض أصحابه، جاز له أن يتَّهم [الحديث] عن بعض أصحابه لخلافه، لأن كلًّا روي خاصة معًا. وإن يُتَّهما فما رُوِي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى أن يُصار إليه. ومن قال منهم قولًا لم يروِه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يَجُزْ لأحدٍ أن يقول: إنما قاله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لِما وصفتُ أنه يَعزُب عن بعضهم بعضُ قوله، ولم يجز أن نذكره عنه إلّا رأيًا له ما لم يقلْه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإن كان هكذا لم يجز أن يُعارَضَ بقول أحدٍ قولُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولو قال قائل: لا يجوز أن يكون إلا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم يحلَّ له خلاف من وضعه هذا الموضع. وليس من الناس أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلّا وقد أُخِذ من قوله وتُرِك لقول غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يجوز في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يُردَّ لقولِ أحدٍ غيرِه.

فإن قال قائل: فاذكُر لي في هذا ما يدلُّ على ما وصفتَ فيه.

قيل له: ما وصفتُ في هذا الباب وغيرِه متفرقًا وجملةً. ومنه: أن عمر بن الخطاب إمامَ المسلمين، والمقدَّمَ في المنزلة والفضل وقِدَم الصحبة والورع، والثقة والثبت، والمبتدئ بالعلم قبلَ أن يُسأله، والكاشفَ عنه، لأن قوله حكمٌ يلزم، كان (١) يقضي بين المهاجرين والأنصار أن الدية للعاقلة، ولا تَرِث المرأةُ من دية زوجها شيئًا، حتى أخبره أو كتب إليه


(١) في الأصل: "حتى كان". و"حتى" لا توجد في "الأم"، وبدونها يستقيم السياق.