للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتيته بوَضوئه وحاجته فقال لي: «سَل»، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: «أوَ غيرَ ذلك؟» قلت: هو ذاك. قال: «فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود».

وهذا الحديث وإن لم يصرّح في السؤال بسؤال الدعاء فإنّ ذلك ظاهر من الجواب كما تراه.

وفي «الصحيحين» (١) عن أم سُلَيم أنها قالت: يا رسول الله، أنس خادمك، ادع الله له، فقال: «اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته». قال أنس: فوالله إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي ليتعادّون على نحو المائة اليوم.

والأحاديث في هذا الباب أكثر من أن تُحْصَى.

[ص ١١٥] وأما بعد موته فلم يُنقل عن أحدٍ منهم ولا من التابعين أنه طلب منه شيئًا البتة، بل كان غاية أمرهم إذا حضر أحدهم عند قبره الشريف أن يسلّم عليه وعلى صاحبيه. ولم يكن هذا إعراضًا منهم وتهاونًا بالخير، فإنهم رضي الله عنهم أسرع الناس إلى اغتنام الخير والاستكثار من أنواع البر، فلم يكونوا ليتركوا ذلك إلّا لأمرٍ ما.

وأَصْرح من ذلك حديث البخاري في استسقاء الصحابة رضي الله عنهم بالعبّاس، وقول عمر: اللهم إنّا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك برسولك فتسقينا، وإنّا نتوسّل بعمّ نبيك. وقد مرَّ شرحه في بحث التوسل فراجعه (٢).


(١) البخاري (٦٣٣٤)، ومسلم (٢٤٨٠).
(٢) (ص ٢٧١، ٢٧٩ وما بعدها).