وفي «الصحيحين»(١) عن زيد بن خالد الجهني قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاةَ الصبح بالحديبية على إثْرِ سماءٍ كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال:«هل تدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:«قال: أصبحَ مِن عبادي مؤمنٌ بي وكافر، فأما مَن قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما مَن قال: مُطِرْنا بنوءِ كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمن بالكوكب».
ولا يخفاك أنه لا سبيل إلى معرفة وقت نزول الغيث قبل نزوله، أما أولًا فلأنّ العادةَ غير مطّردة، بل كثيرًا ما يتقدَّم، وكثيرًا ما يتأخّر، وكثيرًا ما يخلف. وأما ثانيًا فلأنه إذا غلبت العادةُ بنزوله في أوقات مخصوصة من السنة الشمسية فالوقت الواحد منها يكون أيّامًا، فلا يُعلم في أيّ يوم منها وأيّ ساعة لاختلافِ ذلك. ولهذا كان وقت نزول الغيث مما لا يعلمه إلا الله تعالى، كما نصَّ عليه في كتابه. وإصابةُ الظنِّ في بعض الأوقات ليست علمًا. ونحو هذا يقال في هبوب الرياح وغير ذلك، والله أعلم.
[٢٠٠] مما يتعلّق بالنجوم: معرفةُ أحوالها المتعلّقة بذواتها، كأوقات طلوعها وغروبها، ومقادير سيرها، ومقادير أجرامها وارتفاعها، وخسوفها وكسوفها، وهو المعروف بعلم الهيئة. وقد تقدَّم أن معرفة ذلك ليست من علم الغيب في شيء؛ أما أولًا فلأنّ الخسوف ــ مثلًا ــ وإن كان غيبًا فالدلائل الجارية بالعادة المطَّرِدة ليست غيبًا، بل كل عاقل يمكنه أن يدركها. وهذا كعلمِ كلِّ أحدٍ إذا طلعت الشمسُ اليومَ أنها ستغرب بعد كذا وكذا ساعة،